المصنفات الرقمية في بيئة الانترنتمن الوجهة القانونية تثير الانترنت العديد من المشكلات على نحو مستقل عن عالم الحوسبة والاتصالات ، وان كانت هذه المشكلات في حقيقتها تمثل جزءا من مشكلات تقنية المعلومات برمتها ومثارة في بيئتها ، ويمكن تاطير هذه المشاكل ضمن ثلاث طوائف :-
الاولى :- مشكلات عقود الانترنت ابتداء من عقود الاشتراك في الخدمة مرورا بالعقود ذات المحتوى التقني ، وعقود الجهات ذات العلاقة بمواقع الانترنت او عقود المستخدمين مع المواقع بما فيها عقود طلب الخدمات والتسوق الالكتروني وعقود الخدمات المدفوعة والمجانية كعقود البريد الالكتروني ورخص استخدام وتنزيل البرامج وعقود ورخص نقل التكنولوجيا وغيرها من العقود التي تقع في نطاق العقود الالكترونية او العقود المبرمة عبر المراسلات الالكترونية . والجامع المشترك بين هذه العقود والتصرفات المتصلة بالانترنت انها تتعلق بالتنظيم القانوني للتعامل مع الانترنت وعبرها.
والثانية :- مشكلات حماية حقوق المستخدمين والمتعاملين في بيئة الانترنت وتضم حقوق المستهلك بوجه عام وحماية الحق في الحياة الخاصة وحماية حقوق الملكية الفكرية في بيئة الانترنت .
اما الثالثة :- فتتصل بمشكلات امن المعلومات سواء بالنسبة لمواقع الانترنت او انظمة المستخدمين .
اما عن الطائفة الاولى فان محل تناولها دراسات الاعمال الإلكترونية والتجارة الإلكترونية والبنوك الإلكترونية ، وبالنسبة للطائفة الثانية ، فان موضع دراستها يستتبع الفرع محل الدراسة ، فدراسة حماية الحياة الخاصة مناطه دراسات حقوق الانسان وتاثرها بتقنية المعلومات او الدراسات الجنائية الخاصة بامن العلومات محل دراسة الطائفة الثانية المشار اليها ، ودراسة حماية المستهلك يكون مناطه الدراسات القانونية في حقل ميادين حماية المستهلك من المخاطر الاقتصادية والصحية والثقافية والاجتماعية وغيرها . وبالنسبة لحماية حقوق الملكية الفكرية في بيئة الانترنت فان محل تناولها دراسات الملكية الفكرية عموما ودراسات حق المؤلف على وجه الخصوص . اما الطائفة الثالثة فان محل تناولها دراسات امن المعلومات وجرائم الكمبيوتر والانترنت والاتصالات ،
والحماية القانونية لحقوق الملكية الفكرية في بيئة الانترنت تثير التساؤل ابتداء بشان تحديد حقوق الملكية الفكرية في بيئة الانترنت ، وتحديد المصنفات محل الحماية ، واستقصاء الحماية اللازمة لمواجهة الاعتداءات والمخاطر التي تعترض هذه الحقوق ، وتقييم ما اذا كانت القواعد القائمة ضمن تشريعات الملكية الفكرية او غيرها من التشريعات كافية لتوفير الحماية لهذه الحقوق ام ان هناك ثمة حاجة لتشريعات خاصة بالمصنفات محل الحماية في بيئة الانترنت ، وهذه المسائل لما تزل مثار جدال ومحل بحث ، ونعرض فيما يلي لابرز المسائل المتصلة باسماء النطاقات والنشر الالكتروني والوسائط المتعددة او محتوى الموقع كمقدمة لدراسات اكثر تعمقا فيما تثيره هذه الموضوعات من اشكالات قانونية .
اسماء نطاقات ( عناوين ) الانترنت Domain names
اسم النطاق أو الميدان أو الموقع ( دومين نيم - Domain name ) هو في الحقيقة عنوان إنترنت ، فالهاتف له رقم معين ( مثل 555555-6-0096) والعنوان البريدي له رقم صندوق مميز ورمز منطقة مميز ( وسط البلد ص.ب 2325 رمز 11118 ) وللإنترنت أيضا عنوان مميز مثل (
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] )
ويتكون الدومين نيم من أجزاء متعددة . الجزء الأكثر أهمية ومعرفة من قبل المستخدمين هو ما يعرف باسم النطاق الأعلى( top-level Domains ) وهو الجزء الأخير من العنوان ( com) وتدل على الشركات التجارية ، (edu) وتدل على مؤسسات التعليم ، (gov) وتدل على المواقع الحكومية ، ( net ) وهي الشبكات وعادة ما تقدم خدمات عامة ، (mil) وهي للجيش الأمريكي (org) وهي للمنظمات .
أما الجزء الثاني من اسم النطاق ، وهو على يسار اسم النطاق الأعلى ( أو الجزء المتوسط بين ثلاثة أجزاء ) فهو اسم أو رمز أو اختصار المؤسسة أو الشخص أو الجهة صاحبة الموقع ( CNN ) مثلا أو ( Arablaw ) …الخ
وقد احتدم النزاع حول أسماء نطاقات الانترنت ، ومعمارية شبكة الانترنت والجهات التي تسيطر عليها ، وستكون مسائل اسماء المواقع اكثر المسائل اثارة للجدل التنظيمي والقانوني في الفترة القريبة القادمة ، وقد حسم جانب من الجدل مؤخرا حول اضافة مميزات جديدة للميزات المشهورة (com,net,org,gov,edu ) وذلك باقرار اضافة سبعة مميزات اخرى [INFO BIZ , PRO, NAME, AERO, COOP, MUSEUM, ] ، ويرجع الخبراء مشكلات اسماء النطاقات في بيئة الانترنت الى استراتيجيات الشركات الكبرى في هذا الشأن ، فهي التي قادت لواء معارضة توسيع اسماء النطاقات ، حماية لأسمائها التجارية ، بل وتشكو في الوقت ذاته ، من صعوبة السيطرة على النظام الحالي فهذه الشركات تخشى من أن تضطر لتسجيل مئات من عناوين المواقع على شبكة ويب ، تفاديا للوقوع فريسة " المتوقعين الفضائيين" cybersquatters ، الذين يعتمدون على التوقعات لكسب الاموال ( مثل ما يحدث في سوق العلامات التجارية والمضاربات المالية ) ، والذين يقومون ، في عصر الانترنت ، بحجز أسماء نطاقات شائعة الاستعمال ، لبيعها مستقبلا لمن يرغب .
غير أن المسألة ليست مقتصرة على هذا الجانب وحده ، اذ توجد مسائل تقنية تستدعي الاجابة عليها ، مثل : كم عنوانا يلزم اضافته ؟ وأي منها ؟ ومن الذي يتحكم بها ؟ ومن يبيع العناوين الجديدة ؟ ومن الذي سيفصل في النزاعات التي ستنشأ ؟
لقد اوجدت الحكومة الامريكية في عام 1998 ، مؤسسة تسجيل اسماء وأرقام انترنت Internet Corporation for Assigned Names and Numbers - ICANN ، وهي منظمة غير ربحية ، مقرها في لوس انجلوس ، للاشراف على نظام أسماء النطاقات على انترنت ، غير أن ICANN تورطت منذ انشائها ، في نزاع مكلف ومرير ، حول ميثاقها ، بشأن السماح لشركات جديدة ببيع أسماء نطاقات شبكة ويب ذات الامتداد .com و .net و .org وهي عملية مدرة للارباح كانت مقيدة حصرا بشركة Network Solutions Inc ، بموجب عقد لها مع الحكومة الامريكية . وقد توصلت شركة Network Solutions ، ومنظمة ICANN ، الى تسوية خلافاتهما ، بموجب اتفاقية ، تحتفظ بموجبها Network Solutions ، بقائمة أساسية لأسماء النطاقات التجارية الحالية على شبكة ويب ، مدة اربع سنوات اخرى مقابل دفع مبلغ لمنظمة ICANN .
ان السنوات القليلة القادمة ستشهد حربا طاحنة بشان سياسات التعامل مع عناوين المواقع على الانترنت وكما تذهب المعالجات والدراسات الاستراتيجية التي تنشر يشكل مكثف على شبكة الانترنت ، فان من يسيطر على مقدرات هذا الموضوع سيسيطر على طريق المعلومات السريع .
وتعمل شركات عالمية في حقل تسجيل المواقع اضافة الى خدمات استضافتها وتصميمها ، اما المواقع التي تنتهي باسم الدولة فتختص بها جهة واحدة اضافة الى هيئة معنية في الدولة ، ونشارك البعض اعتقادهم ان تاسيس هيئة ICANN خطوة للتمهيد الى خلق ما يسمى حكومة الانترنت التي ستسيطر على مقدرات طريق المعلومات السريع وتتحكم بمصادر المعلومات في العالم .
وحتى الان لا توجد ثمة تشريعات شاملة ناظمة لمسائل اسماء النطاقات وما اثارته من اشكالات قانونية خاصة عندما يكون الاسم مطابقا او مقاربا او مشابها لاسم تجاري او علامة تجارية - طبعا اذا ما استثنينا القواعد التشريعية التنظيمية للخدمات التقنية على الخط ومعايير تقديمها وقواعد حماية المستخدم من مخاطر المحتوى الضار التي سنتها العديد من الدول الغربية - ، الا ان القضاء الاوروبي وتحديدا في فرنسا تصدى لنظر عدد من الدعاوى بهذا الخصوص ، لكن مناط التطبيق بشانها كان قوانين العلامات التجارية وقواعد حماية العلامات التجارية وليس قواعد قانونية خاصة باسماء النطاقات ، وقد اثير في هذه الدعاوى مسائل التشابه بين اسم النطاق والعلامة التجارية للغير او الاسم التجاري للغير ، وظهر جليا من هذه الدعاوى ان التحدي القريب القادم سيكون في حقل ايجاد قواعد قانونية تنظم تسجيل اسماء النطاقات وتصنيفها وعلاقتها بالعلامات والاسماء التجارية . وتعد الاستراتيجية التي انجزنها منظمة الوايبو في حقل اسماء النطاقات ، وما تقوم به من نظر مثل هذه المنازعات عبر مركز التحكيم والوساطة التابع للمنظمة الجهد الاميز نحو بناء نظام قانوني لاسماء المواقع وسنعمد - على نحو تفصيلي - الى بيان ما يتصل بهذه الاستراتيجية ومحتواها وسياسات فض منازعات اسماء المواقع والعلامات التجارية في الكتاب الثالث من هذه الموسوعة.
النشر الالكتروني والوسائط المتعددة ( محتوى مواقع الانترنت)
الانترنت ، بوصفها طريقة اتصال تتيح تبادل المعلومات ونقلها بكافة صورها ، مكتوبة ومرئية ومسموعة ، وباعتبارها ليست مجرد صفحات للمعلومات بل مكانا للتسوق وموضعا للاعمال والخدمات ، وفضاء غير متناه من الصفحات لنشر الاخبار والمعالجات والمؤلفات والابحاث والمواد ، فان محتوى مواقعها يتضمن الاعلان التجاري والمادة المؤلفة والبث المرئي ، والتسجيل الصوتي و…. الخ ، وهذا يثير التساؤلات حول مدى القدرة على حماية حقوق الملكية الفكرية على ما تتضمنه المواقع ، والذي قد يكون علامة تجارية او اسما او نموذجا صناعيا او مادة تأليفية او مادة اعلان فنية او رسما او صورة او … الخ .
ليس ثمة اشكال يثار في حالة كان محتوى الموقع مصنفا او عنصرا من عناصر الملكية الفكرية التي يحظى بالحماية بشكل مجرد بعيدا عن موقع الانترنت ، كعلامة تجارية لمنتجات شركة ما تتمتع بالحماية استخدمتها الشركة على موقعها على الانترنت ، فما ينشر على الموقع هو بالاساس محل حماية بواحد او اكثر من تشريعات الحماية في حقل الملكية الفكرية ، لكن الاشكال يثور بالنسبة للمواد والعلامات والاشكال والرسومات التي لا يكون ثمة وجود لها الا عبر الموقع ، وبشكل خاص عناصر وشكل تصميم الموقع والمواد المكتوبة التي لا تجد طريقا للنشر الا عبر الخط ( أي على الانترنت ) ، ان هذه الاشكالات لما تزل في مرحلة بحث وتقصي واسعين من قبل خبراء القانون والملكية الفكرية في مختلف الدول ، سيما بعد شيوع التجارة الالكترونية وانجاز العديد من الدول قوانين تنظمها ، باعتبار ان احد تحديات التجارة الالكترونية مسائل الملكية الفكرية ، وفي هذا الصدد فانه من المفيد الاشارة الى ان لجنة التجارة الدولية في هيئة الامم المتحدة (اليونسترال) قد وضعت مشروع قانون نموذجي للتجارة الالكترونية عام 1996 اعتمد اساسا لصياغة ووضع العديد من التشريعات الاجنبية المنظمة للتجارة الالكترونية ، لكن هذا القانون النموذجي لم يتعرض لمسائل الملكية الفكرية المثارة في بيئة التجارة الالكترونية لما تنطوي عليه من اشكاليات وتناقضات حادة.
اما بالنسبة للوسائط المتعددة المستخدمة على نحو متنام في ميدان بناء ومحتوى مواقع الانترنت ، فانه يقصد بها وسائل تمثيل المعلومات باستخدام اكثر من نوع من الوسائط مثل الصوت والصورة والحركة والمؤثر ويتميز هذا المصنف - ان جاز اعتباره كذلك - بمزج عدة عناصر :- نص ، صورة ،صوت ، وتفاعلها معا ،عن طريق برنامج من برامج الكمبيوتر ، وتسوق تجاريا عن طريق دعامة مادية مثل الدسك او السي دي ( CD) او يتم توزيعها او انزالها عن طريق خط الاتصال بشبكة الانترنت ، ويرى جانب من الفقه ان هذه المصنفات محمية بموجب القواعد العامة لحماية المصنفات الادبية دون حاجة لافراد قواعد جديدة ، باعتبارها - لدى البعض - تتميز بتدخل برنامج كمبيوتر يسمح بالتفاعل بين وسائل التعبير المتعددة ( وبرنامج الكمبيوتر محل حماية ) او لانها بمفرداتها محل حماية باعتبار هذه المفردات من المصنفات الادبية اصلا :- المواد المكتوبة ، المواد السمعية والمرئية ، الاداء .. الخ . وكلما توفر فيها عنصر الابتكار تحقق شرط الحماية المطلوب لحماية المصنفات الادبية . او باعتبارها من قبيل قواعد البيانات المحمية بموجب نصوص صريحة .
والابتكار في ميدان الانترنت ليس شرط حماية فقط ، بل عنصرا رئيسا في وجود الموقع وتحقيق النجاح والقدرة على المنافسة ، ويظهر الابتكار في تصميم صفحة الويب (الموقع) وما تتضمنه من رسومات او ما يصاحبه من موسيقى او عناصر حركية كما يتوفر الابتكار في المواد الصحفية والتقارير الاخبارية المنشورة عبر الانترنت
ان موضوع حق المؤلف والبيانات الرقمية Copyright and Digital Data لا يزال في نطاق البحث والتقصي ، ومع ذلك فقد انجز الكثير منه في الوقت الحاضر سواء على المستوى الدولي ام الوطني ، وتهيء اتفقيتا المنظمة العالمية للملكية الفكرية بشان حق المؤلف والحقوق المجاورة لعام 1996 الى الانطلاق نحو بناء نظام قانوني لحماية المحتوى الرقمي ، وهو ما سنتناوله تفصيلا في الكتاب الثالث من هذه الموسوعة . ونكتفي في هذا المقام بالقول ان أحد اكثر الأخطاء الشائعة في حقل قانون الكمبيوتر أن حق المؤلف لا ينطبق على البيانات الرقمية ( Digital Data ) وتحديدا في بيئة الإنترنت . ان قوانين حق المؤلف قد تنطبق على بيئة الإنترنت وفقا للنظام القانوني مدار البحث وثمة جهد دولي واسع لتمتد الحماية للبيئة الرقمية تماما كما تحققت في عالم الموجودات والحسيات ، وليس معنى تخلف الحماية واحيانا الجدل حول توفرها اهدار حق المؤلف مثلا في بيئة الانترنت ، فحتى في بيئة الإنترنت ، فانك لا تزال بحاجة الى إذن المؤلف (Author's permission)
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]