[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]البرمجيات وبراءة الاختراع SOFTWARE AND PATENTS رغم أن قوانين حق المؤلف (copyright) وبراءة الاختراع (patent) تعتبر ضرورة لحفظ جهود المخترعين، فإنها لا تتناسب مع البرمجيات الحاسوبية، فتدخُّل هذه القوانين يبطئمن تطوير البرمجيات ويحد من المنافسة.
حماية البرمجيات
لقد تزايدت أهمية البرمجيات الحاسوبية بدءا ًمن أول جهاز حاسوب كان معروفاً. وأدت أجهزة الحاسوب دوراً حيوياً في حياتنا، من تسهيل الرياضيات بواسطة الآلات الحاسبة، إلى تفعيل حركة المال عن طريق أجهزة الصرف الآلي. لكن ومع كل العون الذي أصبح في متناول أيدينا، فإننا لم نفعل ما هو في مصلحة هذه البرامج ولا مؤلفيها، فالبرمجيات تتعرض للهجوم، لأنها ملكية فكرية، وهي ليست كياناً مادياً ملموساً، ولهذا فإنه من السهل نسخها. والبرامج المنسوخة لا تدر أموالاً على مبتكريها، فهم يتقاضون أموالاً أكثر على البرامج غير المنسوخة.
أنواع الحماياتيشمل مصطلح "البرمجيات الحاسوبية" برامجَ الحاسوب، وقواعد المعطيات، والملفات الحاسوبية، واللوازم التحضيرية للتصميم، وجميع أساليب العمل المخزنة رقمياً التي يمكن النفاذ إليها بواسطة الحاسوب، والوثائق المطبوعة المرافقة مثل أدلة المستخدم.
وثمة فئتان من حمايات الملكية الفكرية الخاصة بالإبداعات الإنسانية، تضم الأولى الكتابةَ، والموسيقى، والأفلام، التي يحميها حق المؤلف، وتعتبر برامج الحاسوب مؤلفات فكرية. أما الاختراعات والابتكارات فتحميها براءة الاختراع. فالاختراع هو فكرة أو طريقة ما تؤدي إلى نتيجة صناعية، أما التأليف فهو تعبير عن الفكرة.
إذن تُمنح براءات الاختراع عن أي ابتكار جديد قابل للاستغلال الصناعي، سواء كان هذا الابتكار منتَجاً جديداً أو طريقة أو وسيلة صناعية مستحدثة. ويكون الهدف منها حماية فكرةَ الاختراع. ومن مزايا براءات الاختراع أنها تسمح بالحفاظ على الاختراع وتطويره. أما قانون حق المؤلف فإنه يحمي النص أو البرنامج من النسخ لكنه لا يحمي الفكرة التي يدور حولها النص أو البرنامج، وبراءات الاختراع هي الوسيلة القانونية الوحيدة لحماية الأفكار.
إن البرمجيات الحاسوبية هي خليط من الفكرة والتعبير، فلا تعبير بدون فكرة. وعليه فالبرمجيات تنتمي إلى فئتَي الحماية المذكورتين. فما يحمي البرمجيات في الوقت الحالي بصفة عامة هو حق المؤلف. ولكن البرمجيات المتطورة وأساليب البرمجة يمكن حيازة براءة اختراع لها، بسبب الابتكار الذي تنطوي عليه. وذلك يؤدي إلى العديد من المشاكل التي سنأتي على بعضها لاحقاً. والمعروف أن ملكية حق المؤلف تستمر طوال عمر المؤلف، إضافة إلى 50 عاماً بعد وفاته، ومن الممكن تجديدها. أما مدة براءة الاختراع فقد لا تتجاوز 20 عاماً ويمكن تجديدها ضعف هذه المدة لو لم يستفيد صاحبها منها استفادة مادية ملموسة طوال هذه الفترة ويترتب على ذلك دفع تكاليف باهظة لتجديد مدة الحماية لبراءة الإختراع بعد فترة الـ 20 سنة الأولى.
تعمل حقوق المؤلف على حماية البرمجيات، فنسخ كتاب مثلاً يستغرق وقتاً طويلاً، وقد يتعين على المرء أن يطبع كل صفحة على حدة حتى يحصل على نسخة منها، أوعلى الأقل أن يستخرج نسخة فوتوغرافية أو يمسح كل صفحة. ومن المحتمل أن يستغرق الأمر وقتاً أطول مما يستحق الكتاب، أما عملية نسخ برنامج حاسوبي فقد لا تستغرق سوى ثوانٍ معدودة.
تَسمح براءات الاختراع لشركات البرمجيات الصغيرة بحماية اختراعاتها والاستفادة من رسوم براءة الاختراع المرتفعة. وإذا وَجد مطور ما طريقةً جديدة لتحقيق هدف مشابه، ولكن ببرمجيات مختلفة تماماً، فإنه سيخرق براءة اختراع موجودة. وقد يتوصل مطوران مستقلان فيما بينهما، إلى طريقتين مختلفتين تماماً لتوليد نتيجة واحدة. ولكن إذا حصل أحدهما على براءة اختراع قبل الآخر، فإن عَمَلَ الآخر سيعدّ خرقاً لها.
إذن التعامل مع البرمجيات الحاسوبية ليس بالأمرالسهل.فالطباعة على الحاسوب مثلاً تعد ضرباً من الكتابة، ذلك أن هذه الطباعة تتألف في الأصل من كلمات وأرقام. ولكن عندما يعمل الحاسوب على تنفيذها، تتحول وظيفتها إلى وظيفة الاختراع، بحيث تعمل على أداء مهمة بعينها أملاها عليها المستخدم. وطبعاً إعادة اكتشاف أشياء متماثلة هي شيئ شائع كثيراً في وسط آلاف المطورين الذين يعملون في قطاع البرمجيات.
ومثال آخر هو برنامج الرسم الهندسي. فبرنامج الرسم الذي يحتوي على مادة محمية بحقوق المؤلف، هو برنامج له القدرة على كتابة برنامج شبيه ببرنامج شركةٍ أخرى، ما دام رماز البرمجية (software code) مُلك للشركة، وليس مستعاراً من الآخرين. إن هذاالأسلوب يبقي على حالة التنافس في هذا المجال، ويؤدي إلى نشوء برمجيات ذات مستوى أفضل.
أما براءة الاختراع فهي تمنع من ابتكار برنامج جديد له وظائف شبيهة بوظائف برنامج آخر. ومثال على ذلك برنامجا Auto CAD و True Space، وهما برنامجان يُستخدمان لعمل الأشكال الثلاثية الأبعاد. إن برنامج True Space 2 يعد خرقاً لقوانين براءة الاختراع، ذلك أنه يؤدي مهمة شديدة الشبه بتلك التي يقوم بها برنامج Auto CAD الذي ظهر إلى حيز الوجود أولاً.
ولحسن حظ المستخدم، فإن برامج CAD (التصميم بمعونة الحاسوب) ليست بجديدة، فقد مرَّ على هذا النوع من البرامج أكثر من 10 سنوات، دون أن يفكر أحد في الحصول على براءة اختراع لها.
بعض مشاكل الحماية
تهدف حقوق المؤلف وبراءات الاختراع إلى حماية الوسائط التي تحميها،ولكن فيما يختص بمجال التقانة، فقد تعمل على إعاقة التقدم التقاني. كذلك فإن الأساليب الحالية لحماية البرمجيات من النسخ تعد معوقاً لصناعة البرمجيات. شركة صخر على سبيل المثال كان لها نظام تشغيل خاص في نهاية الثمانينيات من القرن المنصرم، ولكنها بسبب خوفها على برمجياتها من النسخ غير الشرعي، اقتصرتْ على نشر منتجاتها على نطاق ضيق وبأسعار خيالية لا يستطيع المستخدم العربي العادي أن يتحملها.
قد تبرز مشاكل جديدة خطيرة بعد الحصول على براءة اختراع لبرمجيات جديدة غير مشهورة، وهذا يعني أنه لن يُسمح لنا باستخدام سوى برنامج واحد من شركة واحدة، وسيتعين على غيرها من الشركات التي تود استخدام البرامج تسديد قدر كبير من المال للحصول على حقوق المؤلف.
كذلك، وما دامت جلسات استماع براءة الاختراع تجري على مدار أكثر من سنة في سرية تامة، فقد تعمد شركة أولى إلى ابتكار حزمة برامج ثم تتقدم بطلب براءة اختراع لها، وقد تصنع شركة ثانية في أثناء ذلك برنامجاً أفضل، وقد تحرز نجاحاً باهراً، وفجأة تنتقل براءة الاختراع إلى الشركة الأولى التي تسعى لمقاضاة الشركة الثانية. إن هذا الموقف يؤدي إلى كساد صناعة البرمجيات.
ومثال على ذلك برامج شركة لوتس، فقد جرت عادة هذه الشركة على ابتكار برامج لإدارة المعطيات وتنظيمها، واعتقد البعضأن الشركة قد هجرت عملها، ذلك أننا لم نسمع بأي جديد عنهم. فعندما أصبحت براءة الاختراع بالنسبة إلى البرمجيات مقبولة في بداية تسعينيات القرن العشرين، أغلقت الشركة أقسام الأبحاث والتطوير واستدعت مجموعة من المحاميين للحصول على براءات اختراع لجميع تقنيات البرمجة الخاصة بها. وحتى هذه اللحظة كانت هذه الشركة تبيع الحقوق على أنها عملها الأساسي في المقام الأول.
من الممكن أن يغالي المرء كل المغالاة بحيث يطلب الحصول على براءة اختراع لأساليب بسيطة لمعالجة المعطيات، كالدعم بالفأرة على سبيل المثال. ولكن لا يمكن الحصول على براءة الاختراع اليوم من أجل دعم الفأرة، ولكن شيئاً ما دون شك في المستقبل سيحل محل الفأرة ليكون الأداة المفضلة للإدخال على سبيل المثال، فيما قد يصبح مستقبل أداة الإدخال في حالة الحقيقة الافتراضية هو القفاز.
لنفترض أن دعم الفأرة هوالذي حصل على براءة الاختراع، فسيتعين على كل برنامج يعتمد على دعم الفأرة دفع نظيرحقوق الاعتماد على هذا الدعم، وذلك قد يؤدي إلى زيادة أسعار البرمجيات، وانخفاض جودتها، ذلك أن مطوريها سيكون شغلهم الشاغل المسائل القانونية أكثر من أي شيء آخر.
وغني عن القول، أن إصدار براءة اختراع للبرمجيات ليس بالسياسة المحببة، وتتبناها شركات كبرى أمثال "لوتس"و "مايكروسوفت"، أما الشركات الصغرى والمتوسطة والمستهلكين، فعادةً ما يكونون ضد هذه السياسة.
براءات الاختراع للبرمجيات: بين المنح والمنعمما سبق يتبين أن منح براءات الاختراع على البرمجيات يضر بالدرجة الأولى بقطاع البرمجيات. وتنص قوانين براءات الاختراع والرسوم الصناعية والدوائر المتكاملة لبعض الدول العربية على عدم منح براءات اختراع عن برمجيات الحاسوب.
وفي أوربة حيث تنتشر شركات البرمجيات الصغرى والمتوسطة، فإن مكتب براءات الاختراعات الأوروبي (European Patent Convention) واتفاقية TRIPS (الجوانب التجارية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية) التابعة لمنظمة التجارة العالمية (WTO) ينصان صراحة على أن البرمجيات والأعمال الأدبية يجب أن تُحمى بحقوق المؤلف (copyright)، لا ببراءات اختراع.
أما في أمريكا، فالوضع مختلف. فقد فُتح المجال للحصول على براءات الاختراع للبرمجيات في الولايات المتحدة الأمريكية منذ منتصف التسعينيات. فعمالقة صناعة البرمجيات هناك قد ضمنوا لأنفسهم مكانا متقدماً في السباق التقاني المحموم، ورؤوس أموالهم الضخمة كافية للتكفل بمصاريف ملاحقة أي شركة تحاول التعدي على حقوقها الملكية والفكرية.
الخاتمةليست فكرة البرمجيات وحدها هي التي تحتاج إلى عمل دؤوب وتستحق مكافأة، بل هناك ترميز البرمجيات واختبارها وتفليتها (كشف عيوبها وأخطاءها البرمجية).
إن البرمجيات الحاسوبية محمية سلفاً بحق المؤلف: فإذا أراد منافس أن يُنتِج برمجية تؤدي نفس الشيئ الذي يقدمه برنامج آخر متاح، فيجب عليه إعادة البرمجة من الصفر. إن صاحب الفكرة الأصلي قد حصل سلفاً على مكافأته وعلى ميزات تنافسية أيضاً. فحق المؤلف كفيل بحماية البرمجيات وتعزيز الابتكار والمبدعين في هذا القطاع الواسع.
أما براءة الاختراع فيمكن أن تكون سبباً في إعاقة الابتكار والحد من المنافسة في مجال صناعة البرمجيات.
المراجع[1]Simon Juden, “Can Software be patented?”, IEE Computing & Control Engineering, Aug/Sep 2005.
[2]David Brainbridge, "Introduction to computer law", forth edition, Longman, 2000.
[3] د. نزار الحافظ، م. جلال فارس الحداد، "مشروع قانون حماية الملكية الفكرية في سورية وأثرها في صناعة البرمجيات"، مكتبة الأسد، أيار 2000.
[4] د. نزار الحافظ، م. جلال فارس الحداد، "تطبيق حماية الملكية الفكرية على برامج الحاسوب"، مكتبة الأسد، كانون الثاني 2000.
[5] د. نزار الحافظ، "حماية الملكية الفكرية والبرمجيات الحاسوبية"، الندوة الوطنية حول حماية الملكية الفكرية ونقل الفكرة إلى اختراع، 2002.
أرجو أن يستفيد الجميع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]تحياتي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] 
موضوع: البرمجيات وبراءة الاختراع SOFTWARE AND PATENTS 
الإثنين 03 يناير 2011, 5:29 am
